السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بـر أبي هريرة رضي الله عنه **1**
كان
أبا هريرة رضي الله عنه يأتي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم
يرجوه أن يدعو لأمه المشركة بالهداية للإسلام ، فيدعو لها فتسلم ، فأنصت
لأبي هريرة يحدثك بالقصة
قال : ( كنت
أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة ، فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما أكره ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا
أبكي ، قلت : يا رسول الله ، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي ،
فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة .
فقال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اللهم اهد أم أبي هريرة ) .
فخرجت مستبشراً بدعوة
نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فلما جئت
فصرت إلى الباب فإذا هو مُجافٍ ، فسمعت أمي خشف قدمي .
فقالت : مكانك يا أبا هريرة ، وسمعت خضخضة الماء .
قال :
فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت : يا أبا هريرة
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، قال : فرجعت إلى
رسول الله فأتيته وأنا أبكي من الفرح ، قال قلت :يا رسول الله أبشر قد
استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة ، فحمد الله وأثنى عليه وقال خيراً )(1)
فالولد الصالح يحرص على هداية والديه ؛
سواء كانا عاصيين أو على دين غير الإسلام . ويسر سروراً كبيراً بهدايتهما
متخذاً البر وحسن المعاشرة والكلمة الطيبة والدعوة الصادقة طريقاً
لدعوتهما .
(1) أخرجه مسلم باب من فضائل أبي هريرة الدوسي ح 2491-4/1938 .
*************************
بـر أبي هريرة رضي الله عنه **2**
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرجت يوماً من بيتي إلى المسجد، فوجدت نفراً، فقالوا: ما أخرجك؟
قلت: الجوع .
فقالوا: ونحن والله ما أخرجنا إلا الجوع .
فقمنا فدخلنا على رسول الله، فقال: (ما جاء بكم هذه الساعة؟).
فأخبرناه؛ فدعا بطبق فيه تمر، فأعطى كل رجل منا تمرتين، فقال: (كلوا هاتين التمرتين، واشربوا عليهما من الماء، فإنهما ستجزيانكم يومكم هذا).
فأكلت تمرة وخبّأت الأخرى، فقال: (يا أبا هريرة، لم رفعتها؟).
قلت: لأمي.
قال: (كلها، فسنعطيك لها تمرتين)(1).
(1) سير أعلام النبلاء 2/ 592.
****************
بـر أبي هريرة رضي الله عنه **3**
عن
أبي مرّة أن أبا هريرة كان يستخلفه مروان ، وكان يكون بذي الحليفة ، فكانت
أمه في بيت ، وهو في بيت آخر ، قال : فإذا أراد أن يخرج وقف على بابها .
فقال : السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته ، رحمك الله كما ربيتني صغيراً .
فتقول : رحمك الله كما بررتني كبيراً . ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثله (1).
فتأمـل حرصه رضي الله عنه على السؤال عن أمه والسلام عليها عند إتيانه
بيته ، وعند خروجه منه ، مع أن كلاً منهما في بيت مستقلّ !! مع تلك
الكلمات الطيبة التي تُعبِّر عن امتناه لأمه ، واعترافه بجميل صنيعها معه .
فــأين أولئك الذين يرمون والديهم بالتقصيـر في حقهم ، والجهل بوسائل التربية الحديثة ...!!
ثم تـأمل وصاياه رضي الله عنه الدقيقة في بر الوالدين ، حيث قال ( لا تمشين أمام أبيك ، ولا تجلس قبله ، ولا تدْعه باسمه ، ولا تستسب له )(2) .
ولازم أبو هريرة أمه ، ولم يحج حتى ماتت لصحبتها(3) .
(1) رواه البخاري في الأدب المفرد رقم 12 .
(2) أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم 28 .
(3) رواه ابن عساكر في تاريخه 47/516 ،517